Saturday, October 17, 2009

صمتا يعبر الطريق




تقف خلفه بخطوة. ثم سبقته بخطوتين. كأنها تقول لا إراديا له "لن أقف بجانبك من جديد"آ
هو..غير آبه مسلطا عيناه على الرصيف المواجه الخالي من مرور الأشخاص. مُتَمَسمِر القدمين كأنه يقول "وحده القدر الذي يملي شروطه في نهاية الطريق"آ


هي..ممسكة بأكياس مثقلة بأشياء
هو..ممسكا بيد الطفلين

هي..بعد تردد مر في ثوان وقفتها خلفه وأمامه قررت أن تعبر وحدها الطريق وتصارع زحام السيارات بعد أن صفع أنوثتها بقوة

عبرت الحارة الأولى من الطريق ونظرت إليه عند المنتصف "سأصفح عنك لو جئت و عرضت عليً حمل الأشياء من يدي -لن أعطيها لك-ولن تأخذها حقاً ولكني سأصدق الوهم إذا ما قدمته ليه بابتسامة حتى وإن كانت مُعلبة لن يكلفك شيئا أن تأتي لتقف بجانبي مصدرا نفسك باتجاه السيارات"ا

مرت اللحظات ولايزال هو واقفا في ثبات مؤمن رضى بقدره المفجع. استكملت هي عبور الحارة الثانية من الطريق ولوهلة تشرعر أن استقرارها على الرصيف المقابل استقرت معه قناعة ما سيعلنها العصيان المغلف بالغضب.ا

هو ..قرر أخيرا الخروج عن جموده وعبوره الطريق
هي..استقبلت طفليها بابتسامة باهتة تنم عن شعور بالنكسار. داعبت ضفيرة فتاتها الصغيرة ثم احتضنتها فجأة ربما خوفا من أن تلاقي نفس مصيرها كأنثى مشوهة الإحساس تعاني من غربة تحت الصفر

هو..لازال يتصرف كإنسان آلي يده لم تعرف الحب فمه فاقدا القدرة على التذوق. كل ما فعله أن امتدت يده بإشارة تعبر عن احتياجاتهم لتاكسي يخلصهما من ضجيج المشاعر المتنافرة داخلهما و ألم الزجاج المسحوق الذي ظل يتطاير بين نظراتهما طيلة عشر دقائق هي كل الفترة التي راقبتهما فيها من النافذة قبل رحيلهما في سيارة التاكسي.

الطفلين والسيدة في المقعد الخلفي
هو.. في المقعد الأمامي مستطلعا الطريق أمامه في جمود
هي..توجهت للزجاج الذي بجانبها باحثة عن شيء فقدته منذ لحظات الصبا


Sunday, October 4, 2009

إفراج


سأطلق سراح الأفكار المسجونة داخلي. رفعت الجلسة و لا مجال للنقد أو الاستئناف. لقد برًأتك من اتهامات الكثيرين. لا لست خيالية و لا مستهترة و لا واهمة.

سقط عنك الاتهام أخيرا بعد أعوام من الحبس داخل قفص الإحباط المنفي في مشاعر الغربة.
وقت أن كانت قفزاتك العالية أبعد من سقف حريتك المنصب فوقك أقصر من قامتك
كانت ضحكاتك الصاخبة وثرثرتك المتواصلة أقوى من بكاء كل المتخاذلين الملقيين بمحاذاة حائط البقاء

لم تخفت أنوارك وسط ساعات النوم المتواصلة هربا و العميقة عزلة
كنت أكثر سطوعا من ذلك النجم الذي يبتعد أكثر كل ليلة فرارا من رحيق الطبيعة المسممة هنا
و تختفي ملامحه خلف سحب و أبخرة ملبدة فلا يبقى منه سوى نقطة رمادية كئيبة

اطلقت سراحك فامرحي كما تريدين و اصطدمي مع الآخرين كما يحلو لك. أدهسيهم تحت ضخامة الثقة وعجلات الطموح و اقتربي من النقطة الرمادية لتستحيل أكبر و أجمل أوكثر سطوعا وبهجة .

قفي للحظة فقط لتلتقطيني ونرحل
فقط أنا و انت


5-10-2008

Friday, September 11, 2009

انا للبيع


أنا للبيع .. نظرة عيني ستكلفك ثمن كارتك الشخصي
لمسة يدي قد تكلفك فاتورة مقهى نائي أو ثمن تذكرة حديقة عامة
خصلات شعري ستدفع مقابلها فقط بنزين سيارتك التي ستأخذنا بعيدا عن الاعين
وجنتي .. ستكلفك اعصابك حينما تترقب المكان ليهدأ من المارة فتلتقطها قبلة سريعة لا يلحظها احد


أما اذا طمحت في شفتاي فافتح دفتر شيكاتك لتدفع ثمن هدايا و فساتين و فواتير تليفون .. و اذا تطلعت لاكثر .. فكله بحسابه .. و لو قررت ان تختصر في الوقت و المسافة .. فلن اتعدى ثمن سيارة حديثة التي هي بالضبط قد تكون ثمن شقة متوسطة المستوى ..ولتوفير المجهود سأعلق لافتات صغيرة بالاسعار كلا في موضعه .. مع تقديم اسعار خاصة في الاوكازيون.


أنا للبيع .. صراحة لا يتمتع بها حد .. رغم ان الكل يبيع .. الكل يشتري .. و الكل يباع .. الكل يشترى .. لكن الكل يعمل في صمت ! هل ازعجكم هتافي بالاسعار ؟ .. لا مؤاخذه !.. لست وحدي من تبحث عن مشتري .. تلك الام انجبت سلعة تبحث لها عن مشتري بعدما زينتها بالاساور الذهبية و الكعب المدبب العالي مع ايشارب بسيط .. لزيادة القيمة .. و اب يبحث عن مشتري لضميرة فالاحتفاظ به قد يكلفه وجبة عشاء اسرته .. هذا الطفل يبيع براءته امام شاشة التلفزيون .. في قنوات تبحث عن مشتري للتوهان .. هتافات تبحث عن مشتري للاوهام .. و نقاشات متطايرة تبحث عن مشتري للهذيان .. حياة خضعت لقوانين السوق ..


انا للبيع عبارة ستجدها متطايرة مع ادخنة السجائر .. مرسومة وراء الابتسامات و النظرات .. مطبوعة على الاهداب و الارداف و الصدور و الخصور و الجدائل .. معلقة في الالسنة و الرقاب .. مطوية تحت الاحجبة و الطواقي .. مرفوعة في سماء المدن .. مزروعة في اراضي الفلاحين ..باقل الاسعار و افضل العروض و تسهيلات السداد ..انه وطن للبيع .. تشتري وطن ؟!


6-2006

Sunday, September 6, 2009

في مدرسة النظام..كلنا تلاميذ السَيْكوقراطية










زالت الحدود وانهارت الفواصل و اختزلت السنون الكثيرة بيني و بين الآخرين حينما اكتشفت أني و أبي و أستاذي والبواب و



الشًغالة و عامل السوبر ماركت..كلنا نجلس على نفس الديسك






نخرج الكراسات و الأقلام الرصاص و " الأساتيك" ولكن لمحو أخطاء المدرسين



نفتح جميعا كتاب "سيكوباتية التنمية" لنتلقى أول درس عن معنى "السَيْكوقراطية" باعتباره نظاما جديدا لن تجده إلى في مصر






و السَيْكوقراطية ببساطة هي ان تشجع حرية الرأي و تقمع المفكرين. تنادي بالديمقراطية و تقهر المتظاهرين. تهتم بالثقافة و تعتقل المثقفين. تدًعي نمو اقتصادي و تخرب بيت المواطنين






حد فاهم حاجة!! بالتأكيد كلنا فاهمين



لأنك لو مش فاهم سيكون مصيرك زي المفكرين و المتظاهرين والمثقفين






أما لو رفضت الزنقة في "الديسك" و اعترضت على سياسة القطيع



ستفاجأ ب70 ألف ملك من ملائكة الحزب الوطني يجرون لك الجحيم



لأنك كافر ابن كافر في رأي أولياء الحزب الصالحين



و لأننا لسنا من الكافرين و على مذهب أولياء الحزي الصالحين



سنظل ننعم بجنة الخُلْد في النظام السَيْكوقراطي الحكيم












28-3-2006

Thursday, September 3, 2009

الكافيهات عوالم افلاطون "الغير فاضلة"




انت تدفع من أجل العيش في عالم افتراضي - ساعتين ثلاثة - أصحاب -كلام- ضحك -ها تشيز كيك....أوكيه! - ها موكا؟- ها لاتيه؟- شيشة؟- شغااااال


انت تدفع "المينيمم تشارج" بصدر رحب " الضعف يوم الخميس و الجمعة"من أجل حفنة أحاسيس


انا شيك


أنا ستايلش


أنا أضحك إذن أنا سعيد و الحياة "بييس

أنا أسهم في اشتعال" الحوارات" إذن أنا مهم و تُنسج حولي الأحداث


أنا أشارك بقفشاتي فترتفع ضحات الجميع إذن أنا شخص مؤثر يبعث على البهجة ودمي خفيف


تصطدم بهواجس ولقطات من همومك الملقاه في الخارج فسرعان ما تذديبها في دخان الشيشه و تنفخه بحماس حولك "حجر تاني هنا لو سمحت"


و أخيرا.. انت تخرج من الكافيه راضيا بتلك الأحاسيس باذلا عن طيب خاطر 12% سيرفس و 12% ضريبة و مينيمم "مأخدتش بيه


حاجة أصلا" وتيبس حسب مستوى المكان.


انت تصعد إلى الشارع مدركا أنك تركت موقعك تحت سحابة و حالا ستلفحك الشمس بمكالمة موبايل "خنيقة " من الشغل أو البيت أو
تخطف قدمك و تصعد على الرصيف من جديد بعد أن كادت تلمس أسفلت الشارع- للمرة الأخيرة- ولكن- كلكس- العربية "النص نقل اللي من غير نور " منحك فرصة جديدة في البقاء على قيد الدهشة " إيه ده أنا لسه عايش!!! ز


انت لن تصطدم بالواقع لأنك تعرفه و لكن حان الآن موعد تقبله عن طيب خاطر متكئا على الساعات القليلة التي قضيتها في عالم افتراضي ممتع اسمه الكافيه


انت راض و سعيد بمدينتك الأفلاطونية الجديدة مع تأكدك من كونها "غير فاضلة" .هي يوتوبيا غير مكتملة و مع ذلك فهي أفضل من لاشيء


تجلس بجانب عامود خشبي مزود بإضاءات نارية " ترجو منه بعض الدفء الداخلي" وفوق رأسك تتأرجح وحدة إضاءة بألوان متباينة "تتلمس منها التفاؤل


و أمامك نافورة متشعبة التصميم " تتسول منها بعض الرومانسية " .تستمع لأغنيات الموسم علها تمنحك نوع من البهجة المعلبة. وحولك عدد من المضيفين بأزياء أنيقة يرددون عبارات ربما لا تصادفها كثيرا "حضرتك-سيادتك-يا فندم-نورتنا- تحت امرك".



تفرح بملكك الجديد الممتد حول الطاولة التي أمامك و حياتك الافتراضية المؤقتة لطيفة المعالم المحلقة فوق بخار "الأمريكان كوفي".تعرف أنها ستهبط قريبا جدا و بمجرد دفع " التشيك" و ستختفي الملامح المرحبة من حولك لأنك ببساطة سيتم طردك من ملكك المؤقت لوجود ملاك جدد على ال "وايتنج ليست" .



و تسقط قيم الحب و الخير و الجمال في مدينتك الأفلاطونية بمجرد تذكرك أن 1/2 كلامك الذي رددته مع أصحابك لم يكن سوى " أي كلام" و تنقسم ابتسامتك إلى نصف ساخرة من هيئة أفلاطون الجديدة-بالبنتاكور والكونفرس- و نصف راضية بقليل من القيمة التي أضافها إليك ملكك المؤقت وضحكك المؤقت و احترام المضيفين المؤقت وجملة " شرفتنا يافندم نتمنى نشوفك تاني"ز